جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
الإجابات البهية في المسائل الرمضانية
34296 مشاهدة print word pdf
line-top
مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينُه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران، الآية: 102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء: الآية: 1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71].
وبعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله -تعالى- وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وهذه الرسالة، عبارة عن أسئلة مهمة تتعلق بشهر رمضان المبارك دعت الحاجة إلى جمعها وعرضها على فضيلة شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن الجبرين، حفظه المولى من كل حسود وحقود.
وذلك ليجيب عليها، فاستجاب لذلك -غفر الله له- على الرغم من ضيق وقته وكثرة مسئولياته.
ثم قمت بتخريج ما في هذه الرسالة من أحاديث وآثار.
وكانت طريقتي في ذلك، أن أكتفي إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، إذ أن المقصود من التخريج معرفة ما إذا كان الحديث صحيحا أم لا، أما إذا كان الحديث في غير الصحيحين فإني أتوسع إلى حد ما في التخريج، مع التعقيب عليه غالبا بما يناسب، وقد يلاحظ أن بعض الأحاديث والآثار قد توسعتُ في تخريجها، والبعض أقل من ذلك، وأعزو هذا إلى ما كنت أعمل في هذه الرسالة في مدة متقاربة، بل كانت متباعدة ففي وقت تكون الأمور مهيأة، والنفس مرتاحة، وفي أوقات أخرى تكون النفس مشغولة! فلذا لم أضع منهجًا موحدًا أسير عليه!! فلينتبه.
وهذه الرسالة كانت لدي منذ سنتين أو أكثر، وكنت أعمل فيها بين وقت وآخر نظرًا لارتباطات أخرى، ولما دخل شهر شعبان هذا العام 1413 هـ رغب بعض المحبين وألح علي أن أنجزها -على ما بها من تقصير على أن أستدرك ذلك في طبعة قادمة بعون الله- وذلك لحاجة الناس لمثلها، ولتكون عونا للسائلين وتبصرة للسالكين، فأجبته لذلك.
وإنني هنا أدعو إخوان الهدى، وخلان الود والوفاء، أن يغضوا الطرف عن التقصير، لأنه قلما يخلو عمل من الهفوات والعثرات، وأطلب منهم أن ينظروا في عملي في هذا الكتاب بعين الرضا والقبول، وأن يسددوا ويقاربوا ورحم الله الحريري حيث قال:
وإن تجد عيبا فَسُدَّ الخللا
قد جَلَّ من لا عيب فيه وعلا

ورحم الله من قدم النصيحة لأخيه، وسدد وقارب، وأسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، هو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله خير الآل، وأصحابه والتابعين لهم بإحسان بالغدو والآصال.
ولا تنسني أخي من صالح دعوة في ظهر الغيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب
أبو أكثم سعد بن عبد الله بن سعد السعدان
ليلة الجمعة 6\ 6\ 1413هـ.
غفر الله له ولوالديه وعامة المسلمين.
ص. ب 86662- الرياض 11632

line-bottom